لقد عرف المجتمع الإباضي المعروف بتديّنه في جزيرة جربة على مرّ العصور تطوّرات وتحوّلات كثيرة جعلته في كثير من الأحيان يبحث عن أجوبة شرعية أو فقهية حول كلّ القضايا والمستجدّات التي تطرأ عليه، وقد كان هذا الحرص شديدا إلى درجة أنّه صار يبحث عن أجوبة عمّا أو لِمَ يمكن أن يحدث على قاعدة "ماذا لو..." فكانت تُعقد مجالس ومناظرات بين العلماء والفقهاء كما كانت تخصّص في سهرات المناسبات العائلية الإباضيّة ولازالت إلى الآن مساحات للسؤال والجواب بين عموم النّاس والفقهاء الذين يؤثّثون هذه السهرات بدروسهم ومواعظهم وأجوبتهم. ولم تكن هذه الممارسات من باب الترف الفكري في زمن تطوّرت فيه العلوم الشرعية عند الإباضيّة لأنّ الكثير من الأسئلة كانت تقع في دائرة ما يُستجدّ وما يطرأ من الأمور التي قد لا يجد لها الإنسان العامّي إجابة شرعية بل قد تُحيّر العالم المختصّ فلا يستبين له رأي فيها. فيلجأ إلى من يعتقد أنّه أعلم منه يستفتيه أو يراسل غيره في موطن آخر من مواطن الإباضيّة. ولذلك فقد شاعت هذه المراسلات فترك لنا الأجداد مؤلفات عديدة تقوم على "السؤولات" والأجوبة والمسائل. وقد كان الاشتغال في دكتوراه الحلقة الثالثة سنة 1996 حول "دراسة وتحقيق لشرح مختصر العدل والإنصاف لأبي العبّاس أحمد بن سعيد الشمّاخي المتوفّى سنة 928 هـ" فرصة للاطّلاع على مخطوط حول "مسألة المفقود في البحر جوابا لقاضي جربة أحمد بن سليطين" رأينا أنّه يُعدّ أحد النّماذج التي يمكن استقراؤها والانطلاق منها لدراسة مختلف جوانب فقه النّوازل وتطوّره لدى الإباضّية في محاولة لاستجلاء الأصول المعتمدة عندهم لاستنباط الأحكام والوقوف على سعي الإباضي للاستفادة من غيره سواءً كان مؤتلفا معه أو مختلفا. ونظرا لأهميّة الوثيقة، فإنّ البحث يسعى إلى دراستها باعتماد المناهج الوصفية والاستقرائية والتاريخية ومنهج المقارنة
تترتبط جزيرة جربة التونسية بقصور وادي مزاب في شمال صحراء الجزائر بروابط عديدة ضاربة في جذور التاريخ، ولهذه الروابط أسباب وخلفيات موضوعية، أبرزها الوحدة المذهبية والفقهية بين الجانبين، فسكان الجزيرة والوادي تجمعهم المدرسة الإباضية منذ العصور الإسلامية الأولى، كما أن لتقارب البيئة الاجتماعية والتركيبة البشرية للجانبين دورا في بناء علاقات نوعية بينهما، ولذلك كانت بين الطرفين قواسم مشتركة واهتمامات متبادلة؛ وقع التعاون عليها والمساهمة في الرفع من شأنها من الجانبين في عديد من المجالات.
وتأتي هذه الورقة لتسلط الضوء على جانب العلاقة العلمية بين الجانبين من خلال وثائق المراسلات بين الجانبين في القرن العاشر الهجري، وهي أقدم المراسلات بين الجانبين مما بقي محفوظا في خزائن المخطوطات.
وهذه المراسلات من شأنها أن تكشف عن طبيعة العلاقة بين الجانبين في تلك الحقبة الزمنية، وتسفر عن صناع هذه العلاقات التي خلدتها الوثائق المذكورة، والتي تبلغ 06 وثائق، ثلاث رسائل صادرة من مزاب إلى جربة، وثلاث رسائل واردة من جربة إلى وادي مزاب.
وكان من رواد هذه الرسائل هؤلاء الأعلام: أبو مهدي عيسى بن إسماعيل المليكي المزابي (ت: 971هـ)، محمد بن سليمان الغرداوي المزابي (ق10هـ). أبو سليمان داود بن إبراهيم التلاتي الجربي (ت: 967هـ)، أبو سليمان داود بن عيسى الجربي (ق10هـ).
وسيتم قراءة هذه الوثائق من خلال هذه المحاور:
أولا: لمحة تاريخية عن العلاقات والروابط بين جربة ووادي مزاب
ثانيا: قراءة في الرسائل الواردة من مزاب إلى جربة في ق 10هـ.
ثالثا: قراءة في الرسائل الصادرة من جربة إلى وادي مزاب في ق 10هـ.
رابعا: نتائج وتوصيات.
تعكس جوابات الشيخ محمد بن عمر القصبي السدويكشي المعروف بالمحشِّي، للشيخ موسى بن أبي سحابة رحمها الله، العديد من النقاط التي سنحاول تبيينها والتركيز عليها في هذه المداخلة، وأهمها ما يلي:
- مكانة جربة بالنسبة لمزاب في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي.
- المرجعية العلمية والفقهية للشيخ أبي ستة من خلال جواباته، وما هي الكتب التي ذكرها، وعاد إليها، وهل اجتهد في حال عدم وجود النص؟ وما هي دلالات ذلك؟
- الكشف عن بعض الظواهر الاجتماعية التي كانت في جربة في هذه الفترة، وموقف الشيخ منها من خلال التفسيرات التي قدمها عنها في أجوبته للسائلين له.
- ما هي فتواه بخصوص بعض القضايا، وبالتحديد مسألة الاعتماد على العرف في بعض العقوبات بوادي مزاب على خلاف جربة؟ وهل مخالفته لما كان سائدا في مزاب -وهو من هو في جربة- دليل على عدم اطلاعه على أحوال مزاب؟ أم لبعد واختلاف النظرة لهذه المسألة؟ ...
هذه أهم القضايا التي سنتوقف عندها لمحاولة تبيين صورة نخبة ومجتمع جربة في هذه المرحلة التاريخية الهامة.
تعد جزيرة جربة من الحواضر العلمية عبر فترات التاريخ الإسلامي؛ والتي زخرت بجملة من القادة والعلماء والفقهاء الذين أثروا التراث الإسلامي عامة، والتراث الإباضي خاصة بآرائهم واسهاماتهم العلمية، والفكرية في مختلف النواحي الدينية والفكرية والسياسية، ومن جملة هؤلاء العلامة أبي ستة المحشي، والذي يعد من كبار أعلام الإباضية في بلاد المغرب الإسلامي، الذي أثرى العلوم الإسلامية بالتحرير، والتحقيق، والإبراز في مختلف الفنون كالعقيدة، والفقه، والحديث، وغيرها؛ فلا تزال حواشيه وآرائه مورد مهم لطلبة العلم فقد أبانت لهم عن غوامض المتون، وأظهرت لهم بواطن النصوص وكشفت لهم حجب الفنون، وعلى الرغم من تلك الأهمية العظمية لحواشي المحشي فإننا بحاجة اليوم للوقوف على آرائه وإسهاماته في ميادين العلم والمعرفة وبخاصة في علم الحديث النبوي الذي كان له فضل السبق في بيان غربيه وشرح ألفاظه والوقوف على أسانيده من خلال حاشيته على كتاب الترتيب، ويهدف هذا البحث إلى التعريف بالعلامة المحشي وآثاره العلمية، وإبراز عنايته بعلوم الحديث ، وبيان آرائه واسهاماته في مباحث السنة النبوية، وتنبع أهمية هذا الموضوع في أن هذه الدراسة سوف تدرس إسهامات المحشي بوصفه كأول شارح للمسند والذي يعد عمدة الإباضية في الحديث النبوي فما من عالم أتى من بعده إلا وهو عالة على حاشيته الحديثية، وسوف يتبع الباحث المنهج الاستقرائي التحليلي في تناول هذا الموضوع الهم، ومن الأسئلة المهمة التي يطرحها الباحث والتي تعالج الموضوع من هو العلامة المحشي؟ وما إسهاماته في خدمة الحديث وعلومه؟ وللإجابة عن هذا السؤال سوف تكون خطة البحث من مبحثين أولهما العلامة المحشي حياته وآثاره، وثانيهما، إسهامات المحشي في خدمة الحديث وعلومه.
هيَّأ نظام حلقة العزَّابة الذي وضعه إباضيَّة بلاد المغرب في أواسط القرن الخامس الهجري-العاشر الميلادي- ظروفا ملائمة للنَّشاط الفكري؛ بفضل الاستقرار، حيث انكب العلماء على البحث والتَّأليف، واتَّخذت حركة التأليف في شتى فنون العلوم الإسلاميَّة، -وخاصة منها أصول الدين والفقه- أشكالا عدَّة من حيث المستوى والمنهج. وقد عرفت جزيرة جربة نشاطا في الحركة العلمية، وتجلى ذلك في بروز العديد من الأعلام الذين أسهموا في خدمة المذهب الإباضي تأليفا وتدريسا. ويعدُّ الشيخ أبو حفص عمرو بن رمضان التلاتي (ت: 1187ه/1773م) أحد أبرز أعلام جربة في القرن 12هـ، الذين أسهموا في التَّأليف وإثراء المكتبة الإباضيَّة بالعديد من التصانيف. وتهدف هذ الورقة البحثية إلى إبراز النتاج العلمي للشيخ، من خلال قراءة بيبليوغرافية في تراثه العلمي، وبخاصة في مجال الفقه وأصوله؛ وتتضمن المداخلة إبراز أهم محطات حياته العلمية وبيان إسهامه في الحركة العلمية بجربة، والتعريف بتراثه الفقهي والأصولي وخصائصه المنهجية.
المكتبة البارونية بجربة كما هو محدّد في موقعها على الأنترنت هي: مكتبة عائليّة خاصّة أسّسها أبو عثمان سعيد بن عيسى بن يعقوب الباروني الفسّاطوي . وهو عالم اباضيّ من جبل نفوسة بليبيا، ولد حوالي سنة 1188/ 1775 وتوفّي سنة 1281/1865. يرجع تاريخ تأسيسها إلى سنة 1235/ 1819 عندما استقرّ هذا العالم بجزبرة جربة كمدرّس بالجامع الكبير بعد قضاء عشرين سنة بالقاهرة بين الدّراسة بالجامع الأزهر والتّدريس بوكالة الجاموس وهي وقف الإباضيّة بحي طولون حيث نسخ جلّ المخطوطات.
وقد تمت فهرستها بطريقة علميّة بالتّعاون مع مؤسّسة بيت الحكمة والمكتبة الوطنيّة التّونسيّة وتحتوي المكتبة على رصيد هام المخطوطات في مختلف المجلات الفقهية والعلمية وغيرها. نعمل في هذا البحث على تقديم المخطوطات الطبيّة بالمكتبة البارونية حيت نجد عدد هام من المؤلفات الطبيّة في فروع طبيّة عديدة مثل العلاج والأدوية وأجزاء من كتب ومؤلفات شاملة. ومن بين هذه المخطوطات نذك:
التوفيق للطبيب الشقيق بشرح أرجوزة أبي علي حسين بن سينا، مخطوط يتكوّن من 426صفحة.
الجزء الثالث من التذكرة في الطب يتكون من 406 صفحة
آداب المجرات في الطب (مجموعو كتب)، تتكون من 598صفحة.
رسالة في كيفية استعمال الادوية 154صفحة.
غنية اللب في علم الطب 112صفحة
تعرف جربة بكثرة زواياها ومساجدها التي أدّت أدوارا ثقافيّة متعدّدة عبر التاريخ. ومن المعلوم أنّ هذه المؤسسات تحوي خزائن من المخطوطات لاتصالها بوظيفة التّعليم وإقامة طقوس دينيّة من تلاوة القرآن الكريم وقراءة الحديث النبويّ وسرد السيرة ومحافل الذّكر وحلقات التصوّف والاحتفال بالمولد النبويّ الشّريف... ومن هذه المعالم جامع التّرك الذي ارتبط بحضور الجيش الانكشاريّ وتوطّن الأتراك العثمانيّين بجزيرة جربة وبالتالي ارتباطه بالمذهب الحنفيّ. غير أنّ المعلم عرف عبر الأزمنة تغيّرات شملت معماره ووظائفه فبات زمن الاستعمار الفرنسيّ وخاصّة أواخر أربعينات القرن العشرين مقرّا للفرع الزّيتونيّ. وهذه الوظيفة الجديدة تحتاج دعم الجامع بخزانة كتب توفّر مادّة لتلاميذ الفرع المدعوّين إلى مذاكرة برنامج دراسيّ مقرّر لنيل شهادة الأهليّة. ورث جامع التّرك مجموعة من المخطوطات كانت في خزانة زاوية سيدي بوحجر اليزلطيني وهو واضح من خلال خوارج النّصوص. احتاجت الزّاوية ترميما لذا وقع جرد محتويات خزانتها ونقلها لاحقا إلى جامع التّرك. ونستفيد من خلال تتبّع خوارج النصوص التي دوّنت في المخطوطات أنّها تختزل دور عدد من أفراد عائلة بوصرّة الطّرابلسي في تحبيس مخطوطات على زاوية سيدي بوحجر. منها تقييدات تملّك وشراء وولادة وميراث رغم ما اعتراها من مظاهر طمس مختلفة (تسويد، تفحيم، شطب، كشط...). وهي بدورها مكتنزة بمعطيات كوديكولوجيّة لرحلة جمع هذه المخطوطات رافقت مسار أفراد العائلة وعلاقاتَهم التجارية والعلميّة مشرقا ومغربا وانتماءَهم المذهبيّ المالكيّ.
طالما مثلت جزيرة جربة بالنسبة للبحارة للعثمانيين مركزا استراتيجيا ومرفئ هاما للتوسع نحو مجال المغارب منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي. كما الجزيرة كانت أيضا محط أنظار القوى الكاثوليكية التي سعت جاهدة إلى افتكاكها لتحوليها أكثر من مرة إلى محطة بحرية وخط دفاعي يمنع أساطيل الترك من التقدم نحو بوابة الحوض الغربي للمتوسط. لكن، لم يحالف الحظ الاسبان، فبعد عدة معارك بحريّة، سرعان ما حسم الأمر لصالح العثمانيين، ليفتك العثمانيون جزيرة جربة بأسطول يتكون من 120 سفينة حربية في معركة حاسمة شارك فيها الرايس درغوط - الذي تقلد منصب البكلرباي على طرابلس الغرب، وجربة والقيروان - ومساعده وكليج علي باشا، وبرئاسة القبطان داريا بيالة باشا، وذلك في 30 أوت 1560 ضد الأسطول الكاثوليكي المتكون من أساطيل اسبانية وايطالية وألمانية وفرسان مالطة والتي أسر فيها أكثر من 4000 أسير. وإثر هذه المعركة أصبحت جزيرة جربة ملجأ آمنا للبحارة العثمانيين، واضحت مكانتها الرمزية كبيرة لدى العثمانيين سمحت بتكون علاقات مباشرة مع ضم ولايتي طرابلس الغرب وتونس إلى جغرافية الدولة العثمانية. ولم يخف السلطان سليم الثالث فرحته الكبيرة بضم جزيرة جربة وفوزه ضدّ القوة الكاثوليكية، فقد قدّم ابنته جوهر خاطون كزوج للقبطان بيالة باشا ليصبح هذا الأخير أحد رجال القصر المقربين.
ولقد تميزت جزيرة جربة لدى سلاطين الترك بأهمية استثنائية إذ كانت من بين الجزر الممتازة التي تؤمن مصاريفا تعرف بالـ "عوائد الهمايونية"، وهو مقدار مالي كان وقفا وحبسا على تربة بعض السلاطين وأمهاتهم وعلى القدس والحرمين الشريفين مثل تربة السلطان مصطفى الثاني.
ولم تنقطع هذه العلاقة الاستثنائية التي ربطت الباب العالي بجزيرة جربة حتى في القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين، إذ نجد اهتمام السلاطين الأتراك بأحوال الجزيرة ومتساكنيها ومراسلتهم؛ وهذا ما سنتوقف عنده في عرض ثلاث وثائق عصمنلية كانت محفوظة في مكتبة الجامع الباسي، أمدنا بها السيد المنجي الباسي، أحد أحفاد الزاوية الباسية.
إن الوثائق على أهميتها حملت طغراء السلطان محمود الثاني، وهي من نوع الوثائق السلطانية "البراءة" التي تتم كتابتها في القصر العثماني ويتم توجيهها مباشرة من ديوان السلطان الهمايوني إلى أعيان وشيوخ الزاوية الباسية في منطقة والغ بجزيرة جربة.
فما هي هذه الوثائق؟ وعلى ماذا يحتوي نصها؟ وفيما يتمثل موضوعها وفي أي ظرفية تاريخية تم إرسالها؟ وما مدى أهمية الوثائق الأرشيفية الخاصة في المساعدة على الالمام بتاريخ الزاوية الباسية من خلال هذه النماذج؟
إن مسألة هجرة التونسيّين خارج مجالهم التّرابي ظلّت غير موفية بحقّ الفترة الحديثة لفهم تلك الحقبة الزّمنيّة. فاكتشاف الوثائق المتفرّقة من شأنه إعادة بناء تصوّراتنا حول دقائق مهمّة نحاول من خلالها تمثّل هجرة الفاعلين خارج حدود تونس العثمانيّة ونشاطهم وشبكة علاقاتهم. وانطلاقا من هذا الإشكال تولّد هاجس بحثيّ حول حركيّة التّونسيّين إلى شرق المتوسط، ومنهم الوكلاءُ ممثّلُو الباي الذين ربطوا علاقات مع بقية مدن السّلطة العثمانيّة. واخترنا الاشتغال على الوكيل يحي أرواي الجربي (1867-1881) الذي ساهم في بناء علاقات تبادل بين تونس العثمانيّة ومدينة اسطنبول ووفّر للسلطة المحلية معاملات دعّمت اقتصادها بفضل الاحتكاك دون وسيط، إضافة إلى التّواصل المباشر مع سلطة الباب العالي لمعرفة المستجدّات سياسيّا أو عسكريّا...
وظّفنا معطيات من دفاتر حسابات التجار بالأرشيف الوطني التونسي ووثائق من الأرشيف الهمايوني بالأرشيف العثماني باسطنبول بتركيا قصد فهم أسباب هجرة الوكيل يحي أرواي الجربي إلى إسطنبول والأدوار التي اضطلع بها ونوعية الأنشطة المناطة له، واستجلاء الحراك الّذي عرفته مناطق من إيالة تونس العثمانيّة خاصّة زمن محمد الصادق باي (1859-1882)، وبناء العلاقات وسبله بين التجّار وسلطة المخزن وكيفية تحوّله إلى همزة وصل بين جنوب المتوسط وشرقه خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
بعد ان قام أهالي ولاية طرابلس بثورة على يوسف باشا القرمانلي بقيادة محمد بيك القرمانلي استطاع الثوار محاصرة طرابلس من الناحية البرية وبقيت الطرق البحرية المنفذ الوحيد والامن للسلطة الحاكمة بعد تنازل يوسف باشا الى ابنه على الولاية لذلك يجد المطالع لليوميات الليبية في اجزائه الثلاث حجم التواصل بين مدينتي طرابلس وجزيرة جربة والتي تم ذكرها في اكثر من ستين موضعا ومن خلالها أيضا نتعرف على الكثير من الشخصيات البحرية التي تنتقل وتتحرك بين المدينتين ويذكر مسميات وسائل النقل في ذلك الوقت وكيف استطاعت تلك المنقولات ان تكون سلة تموين لمدينة طرابلس المحاصرة وفي هذه الورقة البحثية سأحاول استعراض:
أهمية توثيق ودراسة اليوميات الليبية باعتباره مصدرا للذاكرة التاريخية للأحداث بالمنطقة.
أهمية العلاقات التجارية بين مدن الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط.
أهمية دور جربة اقتصاديا واجتماعيا وعلاقاتها بالسواحل الليبية وخاصة طرابلس.
اهم السلع والبضائع المتبادلة بين الطرفين.
Une prospection pédestre menée sur l’île de Djerba a révélé une occupation humaine remontant à la Préhistoire. Les traces mises en évidence comprennent du matériel lithique limité, provenant de cinq stations. Cette rareté pourrait s’expliquer par plusieurs facteurs, notamment l’utilisation de matériaux périssables pour la fabrication d’outils, ou encore l’abondance de mollusques, qui auraient pu constituer une ressource utilitaire privilégiée pour les communautés humaines de l’époque.
En comparaison, les découvertes lithiques réalisées sur l’île de Kerkennah sont significativement plus abondantes, suggérant des différences dans les modalités d’occupation. Sur Djerba, la faible densité de matériel semble indiquer des occupations saisonnières, probablement influencées par des conditions environnementales spécifiques, telles que des difficultés d’accès ou des contraintes climatiques. Les données archéologiques recueillies sur Djerba permettent toutefois de situer ces occupations préhistoriques entre le Paléolithique moyen et l’Épipaléolithique.
Une comparaison avec la presqu’île de Zarzis met en lumière des différences notables. Contrairement à Djerba, Zarzis présente une densité importante de sites archéologiques, répartis autour des sebkhas et le long des côtes sableuses. Ces découvertes témoignent d’installations plus permanentes, probablement rendues possibles par des conditions environnementales plus favorables, telles qu’une diversité accrue de ressources naturelles.
Cette disparité entre les deux régions reflète les contrastes marqués entre un milieu insulaire, propice à des occupations temporaires et opportunistes, et un milieu continental, offrant des conditions plus stables et propices à l’établissement de communautés humaines sur le long terme.
La présente communication se veut une étude des principales spécificités du siège épiscopal de Girba en problématisant les questions suivantes. D’abord, les facteurs de l’éclosion et de l’importance de ce siège qui soit le premier évêché de la Proconsulaire méridionale, avec celui de Capsa, présents dans les Sententiae episcoporum du concile de saint Cyprien de l’an 256 ap. J.-C. Ensuite, les évêques catholiques, maximianistes et donatistes de cet évêché mentionnés par les sources ecclésiastiques entre 256 et 523. Puis, nous examinons le rôle et les activités missionnaires du siège en question au sein de la province ecclésiastique de la Tripolitaine. Dans ce cadre, on se propose de revenir sur le concile de Iunca, réuni en 523, lorsque le primat de la Byzacène Liberatus envoya des légats à Boniface de Carthage. Ils demandèrent que l’évêque de Girba fût averti d’avoir à renoncer à ses empiétements sur le diocèse de Tamalluma. À partir de cet évènement, l’accent sera mis sur le champ d’action du diocèse de Girba. Partant, nous évoquons les efforts d’évangélisation menés par les évêques Girbitains dans les agglomérations avoisinantes où se formèrent les sièges de Carcabianensis plebs, Putae Pallene et Hr. Goraat Ez-zid. Enfin, nous focalisons sur l’imprécision des limites ecclésiastiques entre la Byzacène et la Tripolitaine et sur la problématique de l’appartenance du diocèse de Girba à la Tripolitaine ecclésiastique. Elle n’est pas certaine si l’on croit le récit de Victor de Vita qui ne considère pas Urbanus de Girba, exilé sous les ordres de Genséric, parmi les évêques de Tripolitaine.
Le présent travail va tenter d’explorer un document issu d’un ouvrage réservé à l’île de Djerba et écrit par un natif de l’île, en l’occurrence Muḥammad Abū Rās al-Ǧarbī, auteur d’al-Muʾnis al-ʾaḥibba fī aẖbār Ǧarba, sur le christianisme de l’île au moment de la conquête arabe. D'une part, je proposerai une contextualisation du passage et d'autre part, je le traduirai afin d'en examiner la contribution à l'Antiquité tardive de l'île, mais aussi d'interroger l'usage d'une catégorie de sources arabes très tardives, soit concernant l'histoire locale, soit l'histoire générale de la région.
Les récits historiques de la conquête arabe de l'Afrique du Nord décrivent l'île de Djerba comme ayant été conquise par Ruwayfiʿ b. Thābit al-Anṣārī à la fin des années 40/660. Cependant, les références à la présence arabe à Djerba dans les années et les décennies qui ont suivi cette conquête sont rares. Le commerce maritime et les opérations de razzia sont devenus de plus en plus importants pour la domination arabe en Ifrīqiya, de même que le rôle des îles méditerranéennes proches de la province, mais Jerba semble presque sans rapport avec ces opérations. Et bien qu'au IIIe/IXe siècle, l'île apparaisse comme un centre de présence musulmane, les musulmans dans ce cas n'étaient pas des descendants des conquérants arabes, mais des Nukkārī Ibāḍīs, qui étaient associés à l'opposition à la domination impériale. Cet article passe en revue les preuves littéraires et archéologiques de la présence arabe à Djerba au début de la période islamique, et les met en relation avec l'importance de l'île pour la domination impériale arabe en Ifrīqiya. Étant donné l'ambiguïté des sources, est-il réaliste de parler d'une conquête arabe de Djerba au 1er/7e siècle ?
Après une très longue période où le corpus des sources littéraires arabes sur la Djerba musulmane précoce était restés quasiment inchangés, l’édition du « Petit Idrisi » – Uns al-muhaǧ wa-rawḍ al-furaǧ (« La convivialité des cœurs et les jardins de la réjouissance ») – par Jean-Charles Ducène (2010) permet de nombreuses clarifications et n’a pas encore été pleinement utilisée. D’autant plus que les cartes qui accompagnent ses manuscrits du XVIIe siècle aident à réinterpréter les cartographies connus plus anciens.
La conférence vise à réinterroger ces deux types de sources en vue des problématiques suivantes : (1) les communications de l’île le long de la côte par terre et maritime, (2) les relations sahariennes caravanières et (3) son organisation politico-religieuse ou, le plus souvent, son intégration dans des structures politiques plus larges. Dans toutes ces questions, l’intérêt se porte sur la place changeante de Djerba dans la vie économique régionale, et plus particulièrement sur son importance pour le commerce à longue distance.
L’enquête s’étend des géographes de l’époque dite classique jusqu’à al-Idrīsī, Yāqūt et al-Ḥimyarī (fl. 1326-7). De plus, en tenant compte de l’attention relative que les auteurs accordent aux villes commerciales environnantes, notamment Gabès, Tripoli et Ghadamès, la pauvreté des informations sur Djerba elle-même devrait également pouvoir être évaluée en tant que témoignage implicite.
Par sa position insulaire Djerba avait, à toutes les époques, une vocation autonomiste vis-à-vis des pouvoirs continentaux, mais, en contrepartie, elle n’a cessé d’être convoitée par les envahisseurs et corsaires de tout bord qui l’attaquaient par mer. Cette situation s’est aggravée durant les XIVème et XVème siècles à la suite de l’occupation de l’île par les siciliens depuis 1289 (Roger Doria occupe Djerba et les îles Kerkennah). Ces îles seront placées sous la suzeraineté pontificale, lorsque Boniface VIII accorde les îles en fief héréditaire à Roger Doria (Traité du 11 août 1295). Depuis, et pour les deux siècles qui suivent, Djerba sera le théâtre d’une dizaine de batailles, soit pour repousser des incursions, soit pour tenter de se libérer du joug des chrétiens. Pour réécrire, l’histoire de Djerba à cette époque, nous ne pouvons pas nous appuyer uniquement sur nos sources arabes qui, sans exception, se limitent à décrire une ou deux batailles où le sultan hafside était le principal acteur, même les dates citées à l’occasion manquent de précision. Ainsi, on est dans l’obligation d’utiliser les sources latines de l’époque : traités de paix, bulles pontificales, échanges épistolaires, ainsi que quelques chroniques dont la principale est la Chronique de Ramon Muntaner. Dans cette communication nous allons soulever plusieurs problèmes telle que la « réalité » de la présence chrétienne sur l’île et sa durée ? Les rapports entre Djerba et la Sicile/la couronne d’Aragon/la papauté ? Quand est-ce que la présence chrétienne a définitivement disparu (1496 ? selon une source latine).
En 1388, le pape Urbain VI apporte son soutien à une coalition occidentale dirigée par le Sicilien Manfred Chiaramonte pour organiser une expédition afin de conquérir l’île de Djerba avec l’aide des Génois et des Pisans, les Vénitiens s’étant retirés au dernier moment. Il concède à l’expédition le privilège de croisade. L’occupation de l’île ne dure que quelques mois, sans grand bénéfice pour la coalition qui espérait mettre un terme à la course encouragée par le sultan hafside Abû-l-‘Abbâs. Au contraire, cette expédition ne fait qu’envenimer les relations diplomatiques et commerciales en Méditerranée occidentale et renforcer le pouvoir du sultan hafside aussi bien sur le front intérieur qu’extérieur.
Malgré cet épisode, les échanges diplomatiques reprennent vers 1390, comme le montre une riche documentation (traités de paix, correspondance diplomatique, rapports d’ambassades), mais à des degrés divers reflétant la position du sultan hafside qui oscille entre fermeté vis-à-vis des Pisans, pragmatisme à l’encontre des Génois et bienveillance à l’égard des Vénitiens.
سنتطرّق في هذا المقال إلى الجرابة بمدينة تونس من خلال تأسيسهم لحيّ جمع كل القادمين من الجزيرة إلى مركز السلطة. وهو يندرج ضمن المحور السادس للندوة "جربة والعالم" وتحديدا "جربة وتونس". حيث سنتعرّف على أحد أهمّ الأحياء بمدينة تونس مثّل نموذجًا لتنوع الأنشطة الإقتصاديّة والدينية والاجتماعية، وأسهم بشكل كبير في تشكيل التركيبة المجتمعية لسكان المدينة. كما ساهم في تنشيط حركتها الاقتصاديّة من خلال السوق الذي وقع تأسيسه داخلها والذي يعرف بسوق اللفّة أو سوق الجرابة. ولعلّ التواجد الجربي داخل المدينة العتيقة يمثّل همزة الوصل بين جميع المذاهب والأديان، فعلاقة التجاور بين الجرابة الإباضيين والمالكيين من ناحية واليهود من ناحية أخرى داخل جزيرة جربة انعكس أيضا داخل المدينة العتيقة وكان الأرضيّة الخصبة التي شجعتهم على الاستقرار وتأسيس حي يعدّ من أكبر الأحياء داخل المدينة العتيقة.
تتناول هذه المداخلة موضوع العائلات الجربيّة التي استقرت في مناطق الساحل التونسي خلال العصر الحديث، مع التركيز على التعريف بالأعلام الذين ينتمون إليها وإنجازاتهم في مختلف المجالات خارج الجزيرة، بالإضافة إلى بيان تأثيرهم الاجتماعي والثقافي في المجتمعات الحضرية التي انتقلوا إليها. كما سيتم تسليط الضوء على مجموعة من الشخصيات التي ظلت مجهولة لدى الكثير من الباحثين، أو التي لم يتم التطرق إليها بشكل كافٍ رغم دورها المهم في مجتمعاتها.
يعتمد هذا البحث على مجموعة متنوعة من المصادر التاريخية، أبرزها الأرشيفات الخاصة والوطنية، التي سيتم تحليلها بشكل دقيق بهدف تشبيك معطياتها وتقديم قراءة شاملة لهذه الوثائق. هذه المصادر توفر رؤى دقيقة حول المساهمات الثقافية والاجتماعية للعائلات الجربيّة في الساحل التونسي. بالإضافة إلى ذلك، سيتم التطرق إلى الاكتشافات الأثرية الحديثة التي تم العثور عليها والمترتبطة بشكل مباشر بهذه العائلات في المنطقة، حيث تقدم هذه الشواهد المادية دليلاً قويًا على وجود طابع خاص لهذه العائلات ونشاطاتها داخل المجتمعات التي استقرت فيها.
في الأخير، يهدف هذا البحث إلى تقديم صورة شاملة حول الدور الذي لعبته هذه العائلات في إثراء التاريخ البشري والمعماري والعمراني للساحل التونسي، وبالتالي تسليط الضوء على تأثيرها العميق في بناء هذا الجزء المهم من التراث الثقافي التونسي.
Ras al-Jabal, agglomération du nord-est tunisien, comptait au milieu du XIXème la communauté Djerbienne la plus importante, du point de vue nombre, de tout le nord tunisien (mis à part le Cap Bon). L’étude portera sur cette « communauté Djerbienne » «الجرابة جماعة», et traitera la problématique annoncée au niveau du titre « Djerbi… de Ras al Jabal » : avec cette dualité de deux identités, de deux contextes géographiques, qui a priori font des « Djeraba » une communauté distincte, mais paradoxalement cette affiliation à l’île de Djerba est dissimulée voire disparait en faveur d’une autre ; celle de la localité adoptive Ras al Jabal «أهل بلد رأس الجبل من ».
Une première partie sera consacrée à retracer l’historique de la présence des Djeraba à Ras al Jabal, à l’étude de la composition de la communauté, à son poids démographique, à son « Cheick » ainsi qu’aux santons vénérées par certaines familles Djerbiennes. Une deuxième partie sera consacrée à tous les éléments qui soulignent l’intégration des Djeraba dans la terre adoptive Ras al Jabal. Une intégration sociale et culturelle/cultuelle. Une intégration dans le tissu économique. Une implication notable dans la gestion des affaires administratives et fiscales locales. Concernant le cadre chronologique ; l’étude couvre la période allant du XVIIIème, avec les premiers témoignages de la présence Djerbienne à Ras al Jabal, jusqu’au milieu du XXème.
L'historiographie consacrée à l'île de Djerba a tendance à insister sur les caractères locaux de l'identité insulaire, sur les aspects liés à la diversité confessionnelle et théologique, ou sur les rapports entre l'île et son hinterland en matière tant de commerce que d'organisation des pouvoirs. Cette communication se propose d'explorer une dimension potentiellement complémentaire de celles-ci, autour de la thématique de l'appartenance à l'ensemble ottoman et de la manière avec laquelle non seulement Djerba s'insère dans ce cadre, mais également avec laquelle l'étude des spécificités djerbiennes permet d'interpréter la nature même de l'ottomanité. L'accent est mis dans ce travail sur la dimension archivistique, autour notamment des fonds stambouliotes, ainsi que sur la communication entre l'île et d'autres espaces impériaux et insulaires ottomans, notamment dans la mer Égée.
من نافلة القول التأكيد أن كل طراز معماري هو محلي في بيئته ولا يشذ عن هذه القاعدة وفد كنا في بحث سابق. دافعنا عن هذه الفكرة في سياق تنسيب الأثر الاباضي في عمارة جزيرة جربة إلا أن محلية الطراز تصير وهما حقيقيا إذا ما اعتبرنا أن مساجد جربة في قطيعة تامة من حيث تصوراتها المعمارية أو من حيث خصائصها الإنشائية أو خطابها الجمالي مع محيطها الأوسع الإفريقي والمغاربي ولربما الإسلامي الفسيح . كما يخطئ من يعتقد أن محلية طراز مساجد جربة كانت عائقا أمام المعماري المحلي للتفاعل عبر حوالي عشرة قرون مع تيارات وتجارب معمارية أخرى تأثرا وتأثيرا. ستقدم هذه المساهمة بعض الأفكار والمعطيات التي لم يسبق لنا التوقف عندها في دراستنا لمساجد جربة.
يهدف هذا البحث للتعريف بالخصائص المعمارية ومميزات الزخرفة الخشبية لقصر بن يونس، وتطورها من خلال شكلها ومنظومتها.
تزخر المعالم التاريخية بجزيرة من جوامع وزوايا ومقامات وأحواش وقصور بعديد الكتابات الأثرية التي لازالت في أغلبها في مواضعها الأصلية بالنظر إلى تنفيذها مباشرة على الأسقف والجدران وهي في أغلبها تعود إلى العهد العثماني بل إن أقدم نقيشة مؤرخة بالعهد الحديث بتونس متأتية من جربة وتحديدا من البرج الكبير أو ما يعرف ببرج غازي مصطفى.
وتوثقُ هذه الكتابات الأثرية لبناء هذه المعالم أو توسعتها أو تجديدها وهي توفر معطيات هامة جدا حول حركة البناء والتعمير بالجزيرة وتركيبة مجتمعها وعلاقتها بمحيطها وبالسلطة المركزية وبالمجالات المجاورة لها.
وتجمع مدونة نقائش جزيرة جربة بين الصنف الرسمي الذي اقتصر استعماله حصرا في المعالم الرسمية في عاصمة الإيالة ومدنها الكبرى، وبين النمط الوافد في إطار علاقات الجزيرة مع الإيالات المجاورة وأخيرا النمط المحلي الذي ينفرد ببعض الخصوصيات ويمكن أن يمثل صنفا مستقلا بذاته إلى أجناب الأصناف الكبرى لهذه الوثائق الأثرية.
وفي إطار إنجاز مدونة نقائش البلاد التونسية كنا قد قُمنا بجرد أوليٍّ لنقائش جزيرة جربة وتوصلنا إلى توثيق أكثر من خمسين نقيشة من مختلف الأصناف والفترات والمعالم التاريخية. ونعرضُ في هذه الورقة النتائج الأولية لهذا الجرد وذلك من خلال تقديم الأصناف الكبرى لهذه الكتابات وإضافاتها على مختلف الأصعدة التاريخية والأثرية والتقنية.
لابد من الإشارة إلى أن تواجد قصور الأرستقراطية العثمانية بجزيرة جربة ظاهرة معمارية جديرة بالدراسة. ويعــد قصر بن يونس بجزيرة جربة أحد الأمثلة عن هذه العمارة التي انتشرت لتشمل مجالات جغرافية خارج مدينة تونس ومدن داخل الإيالة. ولقد تميزت هذه المعالم رغم قلّة عددها بعناصر زخرفية متنوعة، خاصّة تواجد سقوف خشبية تؤرخ لهذا المعلم، وتبرز تعدد مواضيع الزّينة. تميزت القصور العثمانية باستعمال عمارة وزخرفة متنوعة، تجمع بين النماذج الكتابية والأنماط النباتية المشابهة للطبيعة وعناصر زخرفية الأخرى.
وفي هذا الإطار سوف نقوم بتقديم قصر بن يونس بجزيرة جربة، الذي بعود تاريخه إلى القرن 18 الميلادي.
سنحاول في هـذه الدراسة أن نعطي لمحة عن الهياكل المعمارية لهذا المعلم وتتبع تفاصيل الزخرفة الخشبية، لنخلص بذلك إلى معرفة العناصر المعمارية التي ميزت هذا القصر من خلال التخطيط والوصف.
تعد ظاهرة المعمورة شكل من أشكال المزارات الروحية العامية التي تعبر عن أحاسيس ومعتقدات وتصورات المجموعة داخل الفضاء الجزيري. والمعمورة في جوانبها الخفية، هي ظاهرة قديمة ولدت من ترسبات معتقدات وثنية بإعتبار أن جربة هي فضاء إستراتيجي ضم جميع الأديان وأغلب الحضارات فإتخذها أهل جربة وفئة النساء خاصة بما هي مزار نسوي بإمتياز، كوسيلة معبرة عن حيرتهن وضعفهن وآمالهن أمام العديد من التحديات الحياتية كالأمراض بجميع أنواعها العضوية منها والنفسية والفشل الدراسي والعملي، والزواج الذي يعتبر من أهم معضلات المجتمع الجربي والإنجاب والوصل بين الأزواج ورد الغائب ودرء البلاء وجلب الحظ والسعد وحماية المكتسبات وتوفير الأمن وغيرها... وعلى هذه الأهمية وجدت المعمورة مجالا واسعا للتواصل والإنتشار. وعليه، جاءت هذه الورقة البحثية لدراسة الذهنيات والمعتقدات الشعبية من خلال الطقوس والممارسات الإجتماعية التي تمارس داخل جزيرة جربة. وسأحاول في هذه الورقة تحليل البنى الذهنية للمجتمع الجربي من خلال الوقوف على الممارسات والطقوس التي يؤديها الفرد الجربي الذي رام منها التعبير عن ذاته وتحقيق وجوده داخل محيطه. ثم سأحاول فك رموز ودلالات بعض الممارسات. فيكون العمل قراءة لهذه الظاهرة قراءة إثنوغرافية وإنثروبولوجية. وعلى هذا الأساس ينقسم العمل إلى ثلاثة عناصر: أولا، في تعريف ظاهرة المعمورة كمزار روحي. ثانيا، عرض بعض الحكايات الطريفة والخرافات العجيبة التي إرتبطت بها. وثالثا، وظائف مزار المعمورة المناسباتية والعلاجية
تتشابه جزيرتي جربة وصقليّة في كونهما من صنف الجزر الكبرى في المتوسط الأوسط ذات الحركية الاقتصادية ومن صنف الجزر المعمورة المتصلة بالبر (بر إفريقية بالنسبة إلى جزيرة جربة وبرّ "بلاد "إيطاليا بالنسبة لى جزيرة صقلية). كما تشترك هاتين الجزيرتين أيضا في كون الهيمنة عليهما تعد شرطا أساسيًا لتحقيق السيطرة على المتوسط الأوسط. وهو ما حصل مع الأغالبة والفاطميين والنورمان والأراغونيين. وتختلف هاتين الجزيرتين في تضاريسهما البحرية، ففي حين توجد جربة في آخر القصير الممتد من رأس الجسر شمالا على حدّ عبارة البكري، فإنّ | جزيرة صقلية توجد في البحر العميق. ولجملة هذه المسوّغات وغيرها يعتبر موضوع البحث في الصلات، وخاصة الطرقات البحرية بين هاتين الجزيرتين ،مهما، وهو ما سنحاول التطرق إليه انطلاقا من مؤلفات البكري والإدريسي وابن سعيد. ولئن تتشابه هذه المؤلفات في انتماءها إلى صنف كتب الجغرافيا غير المشرقية، فإنها تختلف في الفترات الزمنية التي تتناولها القرن العاشر بالنسبة إلى البكري ومنتصف القرن الثاني عشر بالنسبة إلى الإدريسي ومنتصف القرن الثالث عشر بالنسبة إلى ابن الثلاث سعيد). وعليه واعتمادا على هذه المدوّنة المصدرية سنحاول في هذه الورقة البحثية التطرق إلى مسارات الطرقات البحرية بين جربة وصقليّة ومجمل العوامل المفسرة | لها سواء أكانت متوسطيّة أم مغربيّة، إضافة إلى تأثيرات هذا الطريق في التطوّر العام لشبكات مراسي إفريقية وطرقاتها في المتوسط.
Par son emplacement stratégique situé à l’extrémité méridionale du golfe de Gabès et assurant le rôle d’un carrefour entre les deux bassins de la mer Méditerranée, l’île de Ğirba/Djerba était pendant longtemps un espace de conflit entre des puissances étrangères et locales. Cette période mouvementée a livré des vestiges divers datant entre la fin du XIIe et le XVIIe siècle qui demeurent mal connus, malgré les quelques recherches qui lui ont été consacrées.
C’est à cette époque de conflits opposant d’un côté les Ottomans aux Espagnols de l’autre que remonte une collection de céramiques, objet de ce papier, issue des fouilles archéologiques menées au borj Ghazi Mustapha.
D’origines géographiques diverses (italienne, turque, majolique…), les céramiques de Djerba reflètent deux faits : d’abord une culture matérielle très ouverte sur la Méditerranée, ensuite, un rôle majeur qu’a joué l’île en tant que centre de réception et de rediffusion des marchandises vers la Grande Syrte et Alexandrie.
Le patrimoine culturel de la région de Jerba et de Zarzis, est d'une richesse exceptionnelle, à la fois en termes d'architecture, d'artisanat, et de traditions vivantes. Cependant, une grande partie de cette histoire est restée méconnue ou sous-documentée, souvent à cause de l'absence de sources visuelles systématiques et de l'évolution rapide des paysages et des structures archéologiques au fil du temps. C'est dans ce contexte que les collections photographiques du Musée du Bardo, notamment les négatifs en plaques de verre conservés dans ses archives, jouent un rôle clé. Ces images historiques constituent non seulement un témoignage précieux de l'état du patrimoine tunisien à la fin du XIXe et au début du XXe siècle, mais aussi une source indispensable pour la compréhension et la préservation de ces sites aujourd'hui.
Il s’agit d’un témoignage visuel unique qui capture l'architecture, les monuments et les scènes de la vie quotidienne dans la région de Jerba et Zarzis, avant que la modernisation ne modifie profondément ces espaces. En effet, ces images offrent une vue directe sur des éléments patrimoniaux aujourd'hui disparus ou altérés. En présentant ces photographies, cette étude permettra de mettre en lumière des aspects du patrimoine matériel et immatériel de cette régions, notamment les vestiges de la période antique à travers les fouilles, des artefacts comme la mosaïque, la sculpture ainsi que les mosquées et les pratiques artisanales spécifiques à ces lieux.
Par ailleurs, ce travail de recherche propose une réflexion sur l’importance de la numérisation et de la gestion des archives photographiques dans la sauvegarde du patrimoine. Elle ouvre aussi la voie à de nouvelles recherches interdisciplinaires, combinant archéologie, histoire, et études visuelles, afin d'approfondir notre compréhension du patrimoine de Jerba et de Zarzis. Enfin, elle souligne la nécessité de rendre ces ressources accessibles à un large public, qu'il s'agisse de chercheurs, de touristes ou des habitants de cette régions eux-mêmes.
L'inscription, en septembre 2023, du bien en série « Djerba, témoignage d’un mode d’occupation d’un territoire insulaire » marque le début d'une nouvelle étape pour l'héritage bâti de l'île et son mode de gestion. Par ailleurs, la mise en œuvre du plan de gestion a révélé l’ampleur des défis auxquels sont confrontés les éléments constitutifs du site. Les mosquées de Djerba, pièce maîtresse du dossier d'inscription, sont directement concernées et doivent aujourd’hui faire face à diverses menaces et enjeux. Afin de mieux comprendre l'ampleur des enjeux liés à la préservation et à la mise en valeur du bien, nous commencerons par présenter les attributs des mosquées inscrites qui justifient la valeur universelle exceptionnelle du bien. Nous montrerons, par la même occasion, le rôle clé assuré par les mosquées dans l'élaboration du dossier d'inscription. Nous identifierons ensuite les menaces et défis auxquels ces mosquées sont confrontées. Il s'agira également de mettre en lumière les difficultés rencontrées par les instances locales dans la mise en œuvre du plan de gestion. Il apparaît ainsi que la préservation des mosquées inscrites sur l'île doit passer par l'instauration d'une stratégie de mise en valeur à plusieurs niveaux. L'objectif est de définir une approche globale et durable pour le territoire insulaire, prenant en compte la complexité de la situation, la spécificité d'un bien en série, la pluralité des intervenants et acteurs, ainsi que l'urgence des actions à mener. Il est essentiel de souligner également que les mosquées inscrites ne doivent pas masquer une réalité plus vaste. Une attention particulière doit être accordée aux centaines de mosquées non classées, ni au patrimoine mondial ni national, mais qui revêtent une importance comparable à celle des mosquées inscrites.
اعتنق البرير الاسلام مبكرا مقتنعين عدا فترات ثورتهم على العنصر العربي الذي اراد استعبادهم: بقي اللسان العربي عائقا امام فهم القرآن والنصوص الدينية، فتمت محاولتان لتجاوزه حملة التعريب بإرسال علماء من المشرق، لكنها لم تنجح إلا في بعض الحواضر وبقيت أغلب المناطق حافظة على لسانها البربري حتى منتصف القرن الماضي.
نقل النصوص الدينية ومعاني القرآن الى البربرية وتعليم الناس دينهم بلغتهم وصلت الينا بعض الأثار المكتوبة بالحرف العربي وضاع اغلبها مثل ديوان الشاعر البريري الكبير ابي سهل الفارسي ومؤلفاته. (ق 3م).
وكتاب العقيدة بالبربرية الذي بقى الى القرن السابع ونقله الى العربية الشيخ ابو حفص عمرو بن جميع ولم يصلنا. ديوان الشاعر الجربي شعبان بن احمد القنوشي (ق11ه) سوى قصيدة واحدة فيها ثلاث وثمانون بيتا. مطلعها، "ازالث اف محمد اويلان يسل". كما وردت جمل وفقرات في سير الوسياني وسير البغطوري. أما الكتاب الذي وصلنا كاملا فهو كتاب البربرية وهو ترجمة لمدونة أبي غانم الخراسائي. هذه مخطوطة فريدة من نوعها، تُعدّ ترجمةً إلى اللغة البربرية لكتاب "مدونة أبي غانم الخراساني" (ق2ه)، وتقع في حوالي 900 صفحة.
دراسة كوديكولوجية: يهدف هذا البحث إلى دراسة المخطوطة من حيث الشكل والمظهر الخارجي، بما في ذلك نوع الخط، ونوع الورق المستخدم، وزخارفها إن وُجدت، وأبعادها، وحالتها المادية. ستساعد هذه الدراسة في فهم سياق إنشاء المخطوطة وتحديد تاريخ كتابتها بدقة أكبر، بالإضافة إلى معرفة المزيد عن الظروف التي حُفظت فيها عبر العصور مخطوطة غير منشورة: من الجدير بالذكر أن هذه المخطوطة لم تُنشر من قبل، وتحتوي على مقاطعَ لا توجد في أيّ نسخة أخرى معروفة من مؤلَّفات أبي غانم الخراساني. قد تُقدّم هذه المقاطع رؤية جديدة لفكر وممارسات الفقهاء الإباضيين. لذلك، تُعدّ دراسة ونشر هذه المخطوطة مساهمةً علميةً هامّةً في مجالات التاريخ واللسانيات والدراسات الإسلامية.
Pendant des siècles, depuis l’arrivée de l’Islam dans l’Afrique du Nord, la langue berbère a été le moyen principal pour l’étude et la diffusion des fondements de la religion parmi la population, quand la plupart des individus étaient illettrés et ne connaissaient pas la langue arabe, notamment dans sa variété « classique ». Au fil du temps, la prévalence de la langue arabe au Maghreb et la diffusion de l’instruction ont modifié la situation, et la plupart des textes religieux anciens sont désormais transmis en traduction, et les nouveaux sont composés en langue arabe. Toutefois, jusqu’à très récemment, une tradition littéraire orale en langue berbère, réservée aux illettrés, a demeuré vivante jusqu’à très récemment et a été partiellement sauvée de l’oubli. Dans cette communication, on va présenter le rôle de Djerba dans la diffusion et le maintien de ces traditions, prenant en considération deux ouvrages : le Kitāb al-Barbariyya, un long ouvrage de jurisprudence ibadite remontant au Moyen-Âge et le poème religieux Tmazixt, composé oralement par un savant jerbien au début du 19ème siècle et gardé dans la mémoire et dans quelques notes écrites des contemporains.
Les régions de Gerba, du Mzab et du Djebel Nefoussa, toutes liées à la tradition ibadite, présentent des convergences marquées sur les plans historique, religieux et littéraire. Ces communautés, issues d’une migration pour échapper aux persécutions, ont partagé une organisation sociale centrée sur les valeurs de justice, d’égalité et de consultation (shura). Leur patrimoine religieux se reflète dans l’architecture simple et fonctionnelle des mosquées, ainsi que dans une riche production manuscrite portant sur la théologie et le droit islamique. Par ailleurs, ces zones ont entretenu des échanges économiques et culturels dynamiques, favorisant la préservation et la diffusion de l'identité ibadite. Cet article explore les mécanismes qui ont permis à ces régions de maintenir une cohésion spirituelle et culturelle au fil des siècles.
استندنا في هذا البحث على دراسة عينة شملت 141 اسما للمكان مثلت شواهد على توطن مجموعة من العائلات بالجزيرة وهي عينة انتقيناها من مدونة أسماء الأماكن بجربة التي أحصينا بها مجموع 476 اسما للمكان (ذات دلالات متعددة)، استندنا فيها على الخارطة الطوبوغرافية لجربة لسنة 1906 (بشكل كلي) وعلى الورقات الأربع للخارطة الطوبوغرافية لسنة 1966 (بشكل جزئي تكميلي). تمثل هذه العينة (المتكونة من 141 اسما للمكان) حوالي 30 بالمائة من مجموع ما تضمنته مدونة أسماء الأماكن. وهي نسبة هامة تبرز مكانة وتنفذ عدد من العائلات وديناميتها المجتمعية المحلية على امتداد فترة زمنية امتدت من العصر الوسيط المتاخر (مع تأسيس نظام العزابة) وتواصلت إلى الفترة المعاصرة (مع نهاية العهد الاستعماري).
تثير دراسة هذه العينة جملة من التساؤلات التي نحاول أن نجد لها أجوبة خلال البحث، لعل أهمها:
ما هي علاقة العوامل المذهبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في بروز عائلات علم وعائلات حكم وعائلات تجارية وغيرها؟ ما هو دور تجاذبات السلط المحلية والمركزية والقوى الخارجية في تطور النفوذ العائلي بالجزيرة على مدى حوالي تسعة قرون؟
ما هي الأصول القبلية والجغرافية والمذهبية للعائلات؟ وكيف كانت علاقاتها بعضها ببعض؟
يبقى سؤال مدى بقاء جربة جزيرة ضمن المنظومة الجزيرية قائما بل ملحا ويحتاج إلى نظر وتبصّر. هل ما زالت جربة تستجيب لشروط الانتماء للجزر أم غادرتها؟ هذا السؤال يحتاج إلى العودة لتحديد مفاهيم وضبط شروط لا يستقيم بدونها تحديد انتماء جربة إلى عالم الجزر والمنظومة الجزيرية من عدمه.
إنّنا نحتاج بموجب طرح هذه الأسئلة إلى تعميق البحث في مفهوم الجزيرية من جوانب عدة يتصدّرها الانتروبولوجي والأتنوبولوجي علاوة على أبعاد اقتصادية واجتماعية ضمن قراءة تاريخية ترصد هذا التطوّر وتحاول تحليله. لكن الجزيرية هي كذلك رصيد لا يمكن حصره من الحنين (النوستالجيا) والروابط التي تتشكل بين المعزولين لتلد نظاما تضامنيا قد يعادل الاقتصادي قوّة وربما يفوقه في ميزان الوجدان.
وطبعي أنّ تعميق جانب التطوّر يطرح بالضرورة محاولة كشف تداعيات الزمنين المعاصر والحديث في ثوابت جربة الجزيرية فيما يهمّ نمط العيش وما لحق بالجزيرة من تحولات في بُناها بعد الدفع بها نحو اقتصاد سياحي ضمن اختيارات الدولة. فهل كانت الجزيرة مؤهلة لتتقبل جملة من المتغيّرات في زمن قياسي انعكست تداعياتها على تراثها المادي وغير المادي.
إن الانقلاب الحاصل لمكونات جربة الاقتصادية والاجتماعية خلال الستة عقود السابقة أعمق من أن يكون مجرّد تطوّر ونموّ... إنّه فعل ضخم في صميم انتماءها الجزيري يستوجب تدقيق المآلات الحاصلة على هوية جربة ووضعها في التصنيف الذي يلائمها.
تعدّ النّخلة في جزيرة جربة ملكة الشجر إذ أنّها تغطي الجزء الأكبر من فضاء الجزيرة وتهيمن على مشهدها الطبيعي بشكل لا يمكن معه أن نتخيل منظرا جريبًا دون "عش نخيل" ذي ارتفاع يتراوح بين العشرة أو العشرين مترا. يتوزّع النخيل بشكل غير منتظم نسببًا: فنجده بمركز الجزيرة مصحوبا بأشجار أخرى، بينما يغطي المتاحل شريط متفاوت الأساع. لا يوجد الجزيرة تجمعا كثيفا للنخيل مثلما هو الشأن في لواحات القارية وذلك لضعف تربتها ولانعدام الينابيع والأنهار ورغم ذلك فالنخلة إستعمالات ديدة تتجاوز الحاجيات المادية المباشرة المرتبطة ضمان العيش وتحقيق البقاء بفعل حضور لمواد المستخرجة منها فى صنائع عدّة ناميك عن الأبعاد الرمزية الأسطورية التى ساقلها الجماعات جيلا بعد جيل وتتجلى فى بعض ممارس انهم العقائدية التى نميط اللثام عن شبكة العلاقات الإجتماعية.
ستحاول هذه المداخلة من خلال تعتب المعارف والمهارات والممارمات المرتبطة بالنخلة في مختلف ناصر التراث الثقافي المادي وغير المادي، أولا : إثارة سؤال حول الخصوصيات الجزيرية، ثانيا: دراسة مقارنة مع مجال غير جزيري يعرف نفس العنصر ألا وهو منطقة نفزاوةٌ من الجنوب الغربي التونسي.
تشير الوثائق الأرشيفية إلى أهمية الطريقة العامرية المرتبطة بالولي سيدي عامر المزوغي، دفين قرية سيدي عامر من ولاية سوسة، ومدى انتشارها في المناطق الساحلية. بالإضافة إلى انتشارها في الساحل، تذكر بعض الوثائق الأرشيفية وجود هذه الطريقة في جزيرة جربة، التي كانت تُمارس في زاوية سيدي أحمد الزيتوني. ويتوافق هذا المعطى مع ما يذكره الأستاذ البشروش في كتابه حول وجود فرع للطريقة العامرية في حومة السوق بجربة.
يثير وجود الطريقة العامرية في جزيرة جربة، دون بقية مناطق الجنوب التونسي، تساؤلات عديدة تتمثل أساسا في أسباب وجود الطريقة العامرية في هذه الجزيرة التي عُرفت بتنوعها الديني والمذهبي، وعلاقة سيدي عامر بالزاوية الجمنية وخاصة بزاوية سيدي أحمد الزيتوني وكذلك حول أصول عائلات مريدي الطريقة العامرية بجربة، الذين تبين أنهم كانوا يعملون في مهنة الحوكة. تعكس ممارسة الطريقة العامرية في جربة أبعادًا سياسية ودينية، تهدف إلى نشر المذهب المالكي في الجزيرة. كما يعكس انتشار الطريقة دور جربة كمركز تجاري وثقافي هام، مما يدل على تفاعلات اجتماعية وسياسية ساهمت في تعزيز وجود الطريقة العامرية في هذا السياق المتنوع.
يحتضن البحر الأبيض المتوسّط عددا مهولا من الجزر، وتتصدّر جزيرة جربة الجاثمة في خليج سرت الصغرى قائمة أكبر جزر ضفّته الجنوبيّة. وأهمّ ميزة للجزيرة هو قربها من اليابسة. وقد كانت جربة حلقة وصل بين العالم المتوسّطي والطرق الصحراويّة عبر القـنـطرة الرومانيّة. حيث كانت ترسو بمرافئها المراكب المحمّلة بالبضائع المستوردة من المدن المتوسّطيّة، لتعيد شحن المواد المنتجة محليّا أو الواردة من إفريقيا عبر القوافل التجاريّة. وباعتباره "لا يفصل بل يوحّد"، فقد أثّر البحر في تاريخ الجزيرة. حيث أفرز هذا الموقع الجغرافي حركيّة اقتصاديّة كبرى. فخلال تاريخها، مرّت الجزيرة بحضارات متعاقبة تمازج فيها المحلّي بالإقليمي، ساهمت في نحت الشخصيّة الأساسيّة لأهلها وفي رسم علاقتهم بالآخر. ولأنّ أهل الجزر متعلّقين بالهويّة، فإن ذلك يصحّ على أهل جربة. ذلك أنّهم عرفوا في البلاد بدماثة أخلاقهم وجدّيتهم، وخاصّة تعلّقهم بأصلهم بما فيها من عادات وتقاليد عريقة كأساس لإثبات الهويّة.
وحين نشير الى العادات والتقاليد فإننا نسعى الى دراسة المدوّنة الحضاريّة المرتبطة بنمط العيش في المخيال الشعبي لأهل الجزيرة. وهي خصوصيّة تمنحهم نمطا اجتماعيّا وثقافيّا مختلفا عن بقية القارّة. وهذا النمط الفريد مرتبط بواقع الجزيرة الجغرافي والسوسيولوجي وبطبيعة المعمار وتشكيل الفضاء بها. ورغم قساوة المناخ وقلّة التساقطات، فإنّ الاقتصاد في الجزيرة يقوم على الفلاحة. غير أن الأوضاع قد تغيرت اليوم نتيجة توجه الدولة نحو خيارات اقتصادية تراهن على القطاع السياحي، وحولت الجزيرة إلى قطب سياحي. وقد أفرز ذلك تغيرات اجتماعية مست عمق المجتمع الجربي من خلال تغير نمط العيش وانقلاب القيم المجتمعية. حيث تغيرت ملامح الشخصية الأساسية لأهل الجزيرة بتوافد العمال للشغل في الفنادق، ومن هنا تحولت المفاهيم ووقع توظيف كل المهن لصنع ربيع القطاع السياحي.
وبقدر مساهمة السياحة في دعم الاقتصاد الوطني، بقدر ما هزت كيان المجتمع الجزيري. حيث ازدهرت مهن وأفل نجم مهن أخرى، وخاصة تغيرت وظائف العديد منها. من ذلك قطاع الفروسية الذي كان رياضة نبيلة، تعلقت بها قيم سامية ومثل راقية. فقد كان الفرسان من أول من يتم دعوتهم في المناسبات السارة كالزواج. حيث يلازمون العريس كامل أيام العرس التقليدي، ويصاحبونه للحمام. وفي الطريق يقوم الفرسان بعروض فرجوية رائعة تستقطب أنظار الضيوف. كما يصاحب الفرسان موكب الجحفة لتأمين الطريق للعروسة وأهلها. أما اليوم فمن النادر أن نجد ذلك، حيث استقطبت السباحة هؤلاء الشباب. وأصبحوا يرابطون بخيولهم أمام النزل، عسى أن يظفروا بحرفاء للتوغل بهم داخل مسالك الجزيرة على ظهور الخيول. ومن هنا بدأت تتراجع مبادئ الفروسية والفتوة تاركة مكانها لمهنة جديدة، ألا وهي الخيّال.
من هو خيّال اليوم؟ هل هو نفسه فارس الأمس؟ أم هو شخص آخر؟ ما هي علاقته بفرسه وبفنون الفروسية؟ ما هو دوره، وكيف هي أخلاقه؟ وماهي تمثلاته في الذاكرة الجماعية؟ تلك هي الاشكالية التي سنطرحها، والتي سنتولى الإجابة عنها تدريجيا بعد بحث أنثروبولوجي عميق وعمل ميداني مستفيض.
Parmi les savants ibadites djerbiens du XVIIe siècle, la personnalité d’Ilyās ibn Dāwud al-Hawwārī se distingue par la quantité de renseignements qui nous sont parvenus à son sujet, par le biais des sources écrites quasiment contemporaines ou plus tardives, mais aussi par la tradition orale locale qui l’associe à de nombreux monuments. Il est présenté comme le plus pieux des ʻazzāba par al-Ḥīlātī, qui décrit son rôle dans l’embellissement et l’agrandissement de la mosquée al-Shaykh de Houmt Souk et dans les visites de contrôle des mosquées de guet littorales. Il apparaît deux siècles plus tard, dans les mots d’Ibn Taʻārīt, comme un saint doté d’une puissante baraka, auteur d’impressionnants miracles, maître d’une zaouia réputée. Nous étudierons d’abord les tenants et aboutissants de cette étonnante transformation de l’image du notable djerbien, puis nous verrons dans quelle mesure son souvenir persiste aujourd’hui dans le patrimoine architectural de l’île. Cet itinéraire mémoriel, principalement centré autour du menzel qui a vu naître Ilyās al-Hawwārī, nous conduira des plus importantes mosquées ibadites aux plus modestes des maʻmūra.
نتناول بالدرس كتاب سالم بن يعقوب تاريخ جزيرة جربة ومدارسها العلمية. ويجمع الكتاب جزأين الأول ألفه حول تاريخ جزيرة جربة والآخر هو عبارة عن مذكرات تتعلق بالمدارس العلمية.
لقد اعتنى سالم بن يعقوب الذي عاش في القرن العشرين، بين 1903 و1988، بالكتابة التاريخية وجاء على التوالي بعد سليمان الحيلاتي ومحمد أبو راس الجربي وسعيد بن تعاريت. ويعتبر إخباريا من وجهة نظر أكاديمية ومؤرخا عند الإباضية ويخرج عند البعض عن كل تصنيف. ونحن نأخذ سرديته مأخذ الجدّ في مختلف جوانبها.
ونركز في دراستنا على فهم كيفية معالجة سالم بن يعقوب "شخصية الجربي" وتناولها بالبحث والأغراض التي حققها من خلال استعمله لها. لم يسمّ الأشياء بأسمائها فلم يستعمل كلمة "شخصية" في متنه إلا أن المصطلح يمكننا من تحقيق غايتنا. فقد تعرض الى مختلف الملامح التي صار الجربي بموجبها جربي فردا وإلى هويته التي أرادها أن تكون واضحة المعالم ومتميزة بخصوصيتها في مجتمع جزيري متعدد الفئات الاجتماعية.
لقد كان هدف سالم بن يعقوب هو أولا الرد على من زيف التاريخ فكتب تاريخ جزيرة جربة وأهلها بغايات انتهازية وبالتقرب من صاحب السلطة من قبيل الشريف الإديسي وعبد الله التيجاني ومن اتبع خطاهم وتأثر بهم.
وعلاوة على ذلك فإنه كان يبحث ثانيا عن موقع للإباضية وأهلها في زمانه رغم فقدان الإباضية للسلطة المحلية والنفوذ المؤسساتي منذ أمد غير قصير وفي خضم مجتمع جزيري وتعددي بفئاته الاجتماعية المختلفة.
تزخر جربة بأعلام مغمورين يجهل سيرتهم كثير من الجربيين وقد تجتمع في العلَم مواهب عدّة في مجال الأدب والعلم الشرعي وفي السياسة والإشعاع خارج الجزيرة مثل القامة السامقة سعيد بيك الشماخي السياسي المحنك، والأديب الشاعر، والعالم، والمشع في القاهرة. تتلمذ الطالب سعيد في جربة على الشيخ سعيد بن عيسى الباروني ثم درس في الأزهر على يد ثلة من شيوخه أبرزهم الشيخ السقا. سافر الشيخ سعيد من تونس إلى إسطنبول تاجرا، ونسخ مقدمة التوحيد 1260 هـ/1844 م ثم إلى القاهرة فتزوج بها وأنجب قاسم وأخته.
- السياسي المحنك: انتدب وكيلا قنصلا لتونس بمصر فاهتم بالشؤون السياسية والعلاقات الاقتصادية للتونسيين بمصر، زمن الباي محمد الصادق. والتقى السلطان برغش الزنجباري في مجلس الخديوي إسماعيل بالقاهرة.
- الأديب الشاعر: له قصائد إخوانية ورسائل أدبية خاصة مع رفيق دربه عبد الله الباروني.
- العالم العامل: أقبل على طلب العلم بالازهر وللشيخ مراسلات مع عدد من العلماء مثل القطب أطفيش والمحقق الخليلي وواقف الكتب العلوي الزنجباري. له تعليقات على مسألة تأديب الصبيان ولبس الحرير وعلى مسألة من كتاب السؤالات، الذي أقرأه بمصر. كما له تملكات كثيرة للكتب وتقييدات على حواشيها.
- الإشعاع خارج الجزيرة: إلى جانب مهامه السياسية ومراسلاته للباي وللخديوي يدافع عن حق الجربيين، كان له نشاط اجتماعي بوكالة الجاموس إذ تحمل مسؤولية نظارتها لفترة استمرت إلى وفاته، ودرّس بها وأوقف كتبا على طلبتها، وكان شغوفا باقتناء الكتب ووقفها.
سوف نتبع منهجا وصفيا لتناول هذا الموضوع التأريخي، نستخلص العبر من سيرته وإنجازاته. -نختم بدعوة ملحة للعناية بسير أسلافنا وتراثنا.
Plusieurs, sont les hommes d’origine djerbienne, qui ont marqué, la scène nationale, mais ceux qui ont animé les devants de la scène internationale, sont rares. Parmi ces rares hommes on cite feu Béchir Ben Yahmed, qui pendant plus de soixante années a pu animer la presse internationale et tisser des « réseaux invisibles » d’influence politique sur tout le continent africain et dans le Monde arabe.
Né en 1928 à Djerba, Béchir Ben Yahmed aurait dû être épicier, comme son père, mais grâce à ses qualités multiples : une intelligence exceptionnelle, son ouverture, son réalisme et sa vocation pour le savoir et surtout son art d’écouter l’autre … etc., il a pu acquérir une place dans la cour des Grands. En effet, il a été un acteur majeur de l’indépendance tunisienne, le confident et le bras droit de Habib Bourguiba lors des négociations sur l’autonomie interne à Paris (de 1954 à 1955) puis sur l’indépendance totale en 1956, puis son jeune ministre de l’Information (à 28 ans).
Il aurait pu ne faire que de la politique et viser haut, mais sa conviction que la liberté de la presse soit le véhicule de la liberté d’opinion et par-delà de la liberté de penser, l’a poussé à démissionner du gouvernement tunisien pour lancer son propre journal ’’Afrique Action’’ à Tunis (le 17 octobre 1960) et ‘‘Jeune Afrique’’ à Rome (le 21 novembre 1961 puis à Paris à partir de 1965), où dans ses articles parricides, il fulminait contre le gouvernement personnel de Bourguiba et son parti unique au pouvoir, le Néo- Destour.
BBY entendait, bien que présent à la cour, il n’était pas là pour courtiser, ni pour faire de la figuration. L’important pour lui est de participer, mais il est tout aussi essentiel de prendre part à « l’action » et de ne pas taire ses pensées.
Patron de presse à Paris avec son magazine ‘‘Jeune Afrique’’ destiné pour tout un continent à peine sorti des nuits coloniales, il savait que cela a un prix, soit l’ambition pour un si noble dessein de vie, ou bien la soumission totale aux régimes mis en place en Afrique et dans les pays arabes au lendemain des indépendances nationales.
À travers ses mémoires posthumes intitulés « J’assume », ses éditoriaux, ses entretiens durant près de soixante années de presse avec les leaders et les chefs d’états africains et asiatiques : Habib Bourguiba, Mohamed Masmoudi, Ben Ali, Mohamed V, Hassen II, Léopold Sédar Senghor, Abdou Dhouif, Ahmed Ben Balla, Haouari Bou Mediane, Abdelaziz Boutaflika, Ahmed Ben Salah, Ho Chi Minh, Laurent Gbagbo … etc., ainsi que les témoignages de ceux qui l’ont côtoyés et collaboré avec lui : Abdelaziz Dahmani, Ridha Kéfi, Souhir Belhassen, François Soudan, Paul Balta…, nous envisagerons retracer le parcours de ce « militant » politique et précurseur de l’information dans tout le Tiers Monde.
Par la suite, nous essayons de répondre à une question pertinente qui ne cesse de se poser : comment ce journaliste Djerbien a pu transformer le siège de son magazine ‘‘Jeune Afrique’’ (sis à 57 bis, rue d’Auteuil 75016 Paris) en « un réseau d’influence politique », non seulement en Tunisie, mais aussi dans les pays arabes et le Monde afro-asiatique francophone et établir des relations étroites avec leurs rois et chefs d’états, ainsi qu’avec leurs opposants et contribuer parfois à faire tomber certains régimes? De même pour les chefs d’états français : Valéry Giscard d'Estaing, François Mitterrand et surtout Jacques Chirac…, avec lesquels il a eu des entretiens et des relations amicales.
Enfin, à travers une analyse profonde des éditoriaux de ce pionnier de la presse libre : « Ce que je crois », nous tentons de saisir ses points de vue sur les principales questions d’ordre national, maghrébin, africain et arabo- musulman, notamment sur la cause palestinienne et voir à tel point ses écrits étaient réalistes et bien fondés. Dans ce sens et dans un de ses articles intitulé ‘‘ L’impossible Etat palestinien ’’ (l’éditorial de Jeune Afrique du 24 octobre 2014), BBY avait écrit à l’encre vive : « … Il faudra bien, à un moment, procéder à cette reconnaissance », mais en connaissance des rouages politiques en Occident, il était persuadé que la reconnaissance de l’Etat palestinien était « impossible !».